لا أرى مايدعو للعجب ، كلُّ شيءٍ راكزٌ في مطرحه ، لا حراك ولا ضجيج .. !
كل الصباحات متشابهه ، يستيقظ رجلٌ في الخمسينات ليشتري جريدة يومية ..
ويعود لمنزله ببطئ شديد ، وكأنه لا يريد للزمن أن يمشي مسرعًا للأمام ..
وفي جانبٍ آخر ؛ طفلٌ متذمر من شرب حليبه الصباحي ، ويبكي بغية العودة للنوم ..
وعند التلفاز يقف طالبٌ في الثانوية يشتم من أوجب الدراسة عليه وعلى أصدقائه ..
وهناك في الباص يتزاحم الصغار ويلعبون ، ينسون النعاس حينها ويبتسمون قليلاً ..
وفي زاوية متوارية من هذا العالم ، يوجد من يُمسك قلمه أو ريشته الجميلة ..
ليكتب ويكتب ، فما الصباح إلاّ عالمٌ للكاتبين ، وما الروتين إلا جزءًا منهم ..
وما إن يأتي المساء حتى تمتلئ بعض القهاوي القديمة بــ الزبائن الأوفياء ..
أكوابُ قهوة على الطاولات ، وشايٌ لا يزالُ على الفحم يُعطر المكان برائحته ..
و حكواتي يحكي قصصًا لا أظنها تغيبُ عن ذاكرة أحد ، فهي أشهر من نارٍ على علم ..
لا أجد مايشدني في تلك البقعةِ من الخيال المزدحم ، سوى بعض التفاصيل البسيطة ..
لعلها تشبه روايةً تعانقني منذ زمن ، لم يأتي أوانها بعد ، أو ربما أتى وإنتهى ..
إنها القصةُ التي ماتت قبل أن تولد ، تداهمني كل صباح وكل مساء ..
لعلّ إنبثاق الضوء اللؤلؤي قادم ، لينير ذلك العالم الذي إستسلم للرمادية ..
و إندفنت معالمه تحت الرماد ..